تسهيل..

صفحة أنقل لكم فيها من كل بحر قطرة ومن كل أدب رشفة ومن كل صفحة لمحة ومن كل بوح خاطرة..



حاولت فيها أن اقتص ما احس فيه الفائدة والمعلومة المميزة ، قد لا أجيد ابتداع الأساليب المميزة والطرق الجيدة والتقنيات المتطورة ولا أجيد فن شد الانتباه ولكنني أجيد المحاولة..



اتمنى أن تجدوا فيها الفائدة والمتعة وأن تستمتعوا في رحابها..







عبدالله



الاثنين، 18 يوليو 2011

المعاناة: فراق وهجر .. وخوف على الحبيب والشوق إليه

معللتي بالوصل والموت دونه، إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر (أبو فراس الحمداني)

عبدالله الجعيثن
تقديم:  في البدء نتساءل.. من الذي لا يعاني في حياته بشكل أو بآخر؟!
الجواب: جميع العقلاء يعانون بدرجات مختلفة: (ما عليها مستريح) كما يقول المثل الشعبي و(الحياة مشاكل وحلول مستمرة) كما يقول الفلاسفة، وهي (تحد واستجابة) ولهذا تجد المعاناة في سبيل تحقيق الأهداف طعماً لذيذاً لأنها جزء من الكفاح، وما أجمل الرجل حين يكافح وهو يبتسم .. في آمالنا طول ، وفي أعمارنا قصر ، في حياتنا طموح وفي واقعنا - نحن البشر - عقبات وصعاب ، لهذا كانت المعاناة في تحقيق الأهداف وفي تحقيق الذات وفي الحب والرغبات ، وفي مسيرة العمر جزءاً مكملاً لوجودنا تقريباً،

استشهاد: وبهذا نفهم رائعة خالد الفيصل:
يا ليل خبـــرني عـن أمــــــر المعاناة
هي مــن صميــم الذات ولا جنبيه؟
هي هاجس يسهر عيوني ولا أبات
أو خفقــة تجمــــح بقلبــي عصــيــه؟
هي صرخة تمردت فوق الأصوات
أو ونة وســــط الضمــــأيــر خفيـــه
أو عبـــــــرة تعلقـــــــت بين نظــــرات
أو الـــدمــــوع اللي تسابــق هميــــه
أعـــاني السـاعــــة وأعاني مسافات
وأعاني ريـــــاح الزمــــــــان العتيــــه
وأصـــور معاناتي حــــروف وأبيــــات
يلقى بهــا راعـــــــي الولـــع جاذبيه
ولانـي بـ نـدمــــان على كل ما فات
أخذت من حلوا الزمــــان ورديـــــه
هذي حيــــاتي عشتها كيفما جات
اخــــــذ مـــن أيـامي وارد العطيـــه


رأي وشرح:  ونعتقد أن المعاناة تجمع كل تلك المتناقضات، فهي من صميم الذات.. وهي أجنبية.. وهي هاجس صامت أحياناً، وآهات مسموعة أحياناً أخرى، وهي - في الحب بالذات - جزء من حلاوته وروعته، بشرط ألا تصل إلى حد اليأس. الحب فيه معاناة الفراق.. الهجر.. الغيرة.. الخوف على الحبيب.. والخوف من فقدانه.. والشوق إليه.. وكل هذا يجعل حياة العاشق (حارة) مثيرة لا مكان فيها للملل.. كما أن لقاءه بالحبيب يمنحه من السعادة أضعاف ما لاقى من المعاناة. ولكن بعض الشعراء العشاق لهم رأي آخر..
فهم يرون أن العاشق يعاني ويتعذب في اللقاء والفراق:
شقاء:
وما في الأرض اشقي من محب
وان وجد الهوى حلو المذاق
تـــــراه باكياً في كـــل وقـت
مخافــــــة فرقـــــة أو لاشتيــــاق
فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم
ويبكي إن دنوا خوف الفراق
فتسخن عينــه عند التنــائي
وتسخــــن عينــــه عند التلاقي


تشاؤم:  وهذا متشائم وفي قوله مبالغة فقد صور لنا المحب وكأنه (النائحة) التي تذرف الدموع ليل نهار في لقاء وفراق.. وأقل منه تشاؤماً وأقرب للواقع قول ابن الدمينة:
وقد زعموا أن المحــــب إذا دنا
يمـــل وان النأي يشفي من الوجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد
ولكن قرب الدار ليس بنافع
إذا كــــان من تهواه ليس بذي ود

البخت عيا لا يجيبه:  وأشد من هذا أن يحب المعشوق إنساناً آخر، هنا الغيرة والمعاناة والألم (جهد البلاء) على حد تعبير العباس بن الأحنف:
إن جهد البلاء حبك إنسانا.. هواه بآخر مشغول

الحل:  والحل هنا أن يقدم الإنسان كرامته على حبه ويسفه قلبه ويذكره بعيوب المحبوب، ويبحث عن الزواج من امرأة فاضلة جميلة، فإنها تنسيه معاناته بالتدريج.

يا ليل خبـــرني عـن أمــــــر المعاناة
هي مــن صميــم الذات ولا جنبيه؟ (خالد الفيصل)

سرّ مفضوح:  ويذكر لنا أبو فراس الحمداني معاناته مع الحب والحبيبة ويزعم أنه (لا يذاع له سر) في نفس القصيدة التي أذاع فيها سره، وأنه يستنكر ويستكبر أن يذرف الدمع جهاراً، ولكنه يجهر بأنه يذرف الدمع وحيداً بليل.. وهذا من سحر الحب الذي يجعل المعاني تخلتط، ومن سر الشعر الذي يفضح مكنون القلوب:
أراك عصـــــــي الدمع شيمتك الصبر
أما للهـــــوى نهي عليــــك ولا أمـــر
بلى، أنـــــــا مشتـــــاق وعنــــــــدي لوعة
ولكــــــن مثلـــي لا يــــذاع له ســـر
إذا الليــــل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللـــــت دمعاً من خلائقه الكبر
تكـــــاد تضيء النار بين جـــوانحي
إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
معللتــي بالوصل، والمـــــــــــوت دونه
إذا مــت ظمآنــاً فلا نــــزل القطــــر
حفظت، وضــيــعت المـــــــودة بيننـــــا
وأحســــن من بعض الوفاء لك العذر
وفيت وفي بعــــض الوفــــــــاء مــــذلــة
لفاتنــــــة في الحـــــي شيمتــها الغــدر
تسائلني: من أنت؟! وهي عليمة
وهل بفتى مثلــي على حــاله نكــــر
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى
قتيلك، قاــــت: أيهــــم فهـــــم كثر؟!


والخلاصة أن المعاناة جزء من الحياة، وأنها تزداد كلما كبرت النفوس وارتفعت الهمم وبعد الطموح.
أما معاناة المحبين فهي تشعل الحب طالما بقي هناك أمل قوي في نيل المحبوب أما إذا انقطع الأمل فإن المعاناة تقتل الحب باليأس وتموت معه ويستريح العاشق المسكين، فاليأس إحدى الراحتين والأخرى هي الموت! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق